أن المهمة قد تم إنجازها، يقول جيبون: ''كان المسلمون يعرضون على أعدائهم الاختيار بين الصداقة Freindship أو الاستسلام، فإن دخلوا في الإسلام، كان لهم ما للمسلمين من مزايا دنيوية وروحية وعليهم أن ينطلقوا تحت العلم نفسه لينشروا الإسلام الذي اعتنقوه·
لقد قرر مبدأ الرحمة والاعتدال على وفق مصالح النبي (محمد) (صلى الله عليه وسلم)، بل إنه نادرا ما كان يسحق عدوا مقهورا، وبدا واعدا أنه عند دفع الجزية لا يكون لرعاياه الذين لم يؤمنوا برسالته ذنب إلا مواصلتهم لطقوس عباداتهم''· إن الفترة التي تشير الرؤيا إلى سلطان الجراد فيها هي خمسة أشهر· إن للنبوءة (رؤيا يوحنا) أسلوبها الخاص في حساب الزمن (بتعبير آخر رموزها الخاصة أو شفرتها الخاصة في حساب الزمن)· فاليوم في الغالب يعني سنة· وعلى هذا فخمسة أشهر ـ إذا كان الشهر ثلاثين يوما ـ تعني ـ على وفق حساب الرؤيا ـ مائة وخمسين عاما· والخمسة أشهر (بمعناها الحرفي) هي أقصى مدة زمنية للكارثة الطبيعية للجراد (أي أنها أقصى مدة يدمر فيه الجراد النباتات الخضراء) ومن هنا فإن الخمسة أشهر الواردة في النبوءة (والتي تعني مائة وخمسين عاما) تشير بالضبط لفترة الفتوح والغزوات الرئيسية التي قام بها العرب (الساراسين أو السرسرية) لتكوين امبراطوريتهم، بدءا من ظهور محمد إلى تأسيس بغداد· يقول الأسقف نيوتون :Newton ''اقرأ تاريخ العرب (الساراسين Saracens أو السرسرية) وستجد أن أكبر أعمالهم الجريئة· وأهم فتوحاتهم قد تمت في فترة الخمسة أشهر بتعبير نبوءة يوحنا والتي تعني مائة وخمسين عاما، فيما بين سنة 612 عندما فتح محمد الهاوية (المقصود بدأ في نشر الإسلام) وسنة 762 عندما بني المنصور بغداد وأسماها مدينة السلام'' والمقارنة بين ما فعله الجراد (العرب) بما فعله العقارب (الترك) سنوردهما في السياق التالي:
تقول الفقرة (الآية) رقم 6 ''وفي تلك الأيام سيطلب الناس الموت ولا يجدونه ويرغبون أن يموتوا فيهرب الموت منهم··'' إن هذه البنوءة (رؤيا يوحنا) عادة ما تمثل تعبيرا مرعبا عن المعاناة ـ بلا أمل ـ التي عانتها الدولة المسيحية الشرقية (البيزنطية) أو المملكة المسيحية الشرقية ـ Eastern Christiandom في ظل ممارسات الحكام العرب (their saracen masters) الذين مارسوا معهم العنف والاضطهاد والإهانة والتحقير دون سند من قانون· ولا ننكر أن ما ذكرناه آنفا هو ما قد تشير إليه النبوءة، ومع هذا فكما يبدو فإن الرجال الراغبين في الموت هربا من المعاناة أمكنهم ـ بسهولة ـ تحقيق هدفهم بآلات الوسائل، ويمكننا أن نفترض أن العرب (Saracens) ليسوا هم المقصودين هنا طالما أنهم يطلبون الموت في المعركة رغبة في الشهادة (النصر تحقيقا للفخار وطمعا في ثواب يأخذونه لهذه الميتة)· والآية التالية من القرآن تستحق إشارة خاصة في هذا السياق: ((ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه··)) (آل عمران 143) وقد لاحظ شاول Sale ''أن عددا من أتباع محمد (صلى الله عليه وسلم) الذين لم يحضروا غزوة بدر كانوا راغبين أن تحين لهم فرصة أخرى ليحوزوا شرف الشهادة كما حازها الذين استشهدوا في بدر في ذاك المساء''· وعلى هذا فمعنى اللغة المستخدمة (في نبوءة يوحنا) قد تكون أن الله لابد أنه أعطى جحافل المسلمين روح تآلف واتحاد وروابط قوية تعينهم على الغزو (أو بعبارة أخرى تمسكوا بحبل متين) مما يجعلهم يخرجون منتصرين في المعارك، وجعلهم يطلبون الشهادة في المعارك، وهي مطلب غال قد لا يصلون إليه·
وتستمر رؤيا يوحنا، ففي الفقرة الآية رقم 7 نقرأ: ''ويشكل الجراد شبه خيل مهيأة للحرب وعلى رؤوسها كأكاليل شبه الذهب ووجوهها كوجوه الناس''، يقول جيبون ''إن شبه الجزيرة العربية هي في رأي علماء الطبيعة Naturalists (المقصود علماء النبات والحيوان) هي الموطن الأصلي للخيل· وكان الفرسان العرب دوما محط الإعجاب''· ويقول أيضا: ''فالشاب المحارب يكون دائما فوق حصانه يخفق فوقه علم (شعار) أميره، ويكون دائما ـ بهذه الهيئة ـ معه في الميدان يتدرب على استخدام القوس والرمح والسيف''· وعلى هذا فمما يتفق مع سر هذا النبي (النص: ,the hieroglyphic of the prophet والكلمة تعني الغموض والإبهام) أن قوة العرب Saracens كانت تتكون في الأساس من عدد كبير من الفرسان يركبون خيولا عربية سريعة سرعة لا تجارى·
وفي رؤيا يوحنا أيضا ''وعلى رؤوسها كأكليل شبه الذهب ووجوهها كوجوه الناس (الرجال)'' وهذا ينطلق على ما أوصى به محمد (صلى الله عليه وسلم) أتباعه إذ أوصاهم بلبس العمائم لأنها لباس الملائكة Make a point of wearing a turbans, because it is the way of angels وعلى هذا فالعمائم (أو غطاء الرأس) كانت دائما لباسا يميز العرب خاصة، وكان غطاء الرأس هذا (أو العمامة Turbens) محل فخرهم دوما، وكانت الشعوب الأخرى تعتبر لباس الرأس (أو العمامات) هذا دالا على تميز لابسه (أو شعارا للنباله (Badges of royalty وإذا لاحظنا أن للجراد (في النبوءة) وجوه رجال، فإن هذا يساعدنا على فهم الرمز (في البنوءة)، فالمسألة ليست مجرد جراد (الحشرة المعروفة) وإنما المقصود بشر، وهذا هو معنى الرمز·
وتستمر رؤيا يوحنا في الآية (الفقرة) الثامنة لتقول: ''وكان لها (للجراد في الرؤيا) شعر كشعر النساء، وكانت أسنانها كأسنان الأسود'' وكان العرب بشهادة بليني pliny يعفون لحاهم، أو بالأحرى شواربهم (النص(wore their breads or rather musta chinos: بينما كانوا يتركون الشعر منسابا أو مضفورا كما هو الحال بالنسبة لشعر النساء· أما قول النبوءة: ''إن الأسنان كأسنان الأسود'' فإشارة إلى الأسلحة وآلات الحرب، و''الدروع الحديدية'' تشير إلى الدروع التي كان يستخدمها العرب في غزواتهم، أما قول البنوءة: ''وصوت أجنحتها كصوت مركبات خيل كثيرة تجري إلى قتال'' فليس إلا تعبيرا مؤثرا يشير إلى جو المعارك والاستعدادات لها·
وفي الآية (الفقرة) العاشرة: ''ولها أذناب كأذناب العقارب ولها حمات (وخازات) في أذنابها''· فلابد أن نبحث عن تفسير لهذا في العهد القديم (التوراة وملحقاتها أو أسفار موسى الخمسة وملحقاتها)· فمن الكلمات الآتية عن سفر أشعياء (الإصحاح 9/الفقرة 14 و15) يظهر أن ذنب الدابة (ذيلها) يشير إلى العقائد الفاسدة أو الخرافات· يقول السفر: ''فيقطع الرب من إسرائيل الرأس والذنب والنخل والأسل في يوم واحد''· (المقابل الإنجليزي للنخل والأسل كما في الطبعة الإنجليزية هو & rush branch ولكننا أثبتنا نص الترجمة العربية التي يتداولها المسيحيون العرب) ويستمر نص رؤيا يوحنا موردا أن ''الشيخ والمعتبر هو الرأس والنبي الذي يعلم بالكذب هو الذنب'' الرمز إذن يشير على نحو صارخ إلى الجروح الروحية التي حاقت بنشر الأخطاء السامة المميتة والهرطقات، وليس هناك برهان أوضح مما نجده في صفحات التاريخ، إذ نجد أن المسلمين أو أتباع محمد قد انتشروا كالعقارب وراحوا ينشرون سموم عقائدهم، ونجحوا سواء انتصروا أم انهزموا في فرض عقيدة جديدة، بالحيلة أو بالخداع· وبهذا الرمز في نبوءة يوحنا نتعلم بشكل واضح أن طاعون الجراد (بالمعنى المجازي) لا يعني مجرد دمار الحرب، وإنما يعني أيضا الدعوة الناجحة لدين زائف، فهذه العقائد (الإسلامية) الزائفة تلحق ضررا وأذى من الناحية الروحية يساوي الضرر الذي تلحقه حماة (وخازات) العقارب الحقيقية· وعلى النحو نفسه نجد في سفر الرؤيا (الإصحاح ,12 الفقرتان 4 ,3) ''هوذاتنين عظيم أحمر له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى رؤسه سبعة تيجان، وذنبه يجر ثلث نجوم السماء فطرحها على الأرض··'' وتفسير هذا هو أن القوى المعادية للمسيحية مأذونة من هذا الغول الهائل بأن تقذف بأكثر بدعها وخرافاتها في عقول رجال الدين الحق مما يؤدي إلى اقترابهم من الردة الكاملة عن المسيحية
الثلاثاء مايو 27, 2008 9:57 pm
